السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تخلص من المنظور الضيق والجمود الفكري.
الكاتب » أحمد الرفاعي القسم » التنمية البشرية التقييم »
إن طبيعة الحياة التي نعيشها تشبه الى حد كبير طبيعة تضاريس الارض ففيها المرتفعات
الشاهقة التي تحتاج عند صعودها الى جهد كبير وصبر وعزيمة وفيها المنحدرات
العميقة التي لا تحتاج للوصول الى قاعها إلا أن تغفل عن أهدافك وسوف تسقط وبدون
جهد وبدون تعب ولكن ألم السقوط سوف يحرمك النوم وقد يقضي على حياتك وفيها
المحيطات العملاقه و البحار المالحة والأنهار والمياه العذبة فيها الاراضي الخصبة
والأرضي السبخة تنوع عجيب متناقض متناسق هذا التنوع في التضاريس بات الجميع يدركه
بحكم الاعلام والتعليم والسفر …..
قبل هذا التطور كان الناس لا يخرجون من قراهم فسكان القرى النائية يعتقدون أن
جميع القرى تشبه قريتهم في الطقس والتضاريس وعندما يسمعون عن تضاريس مختلفة
يتعجبون كيف يعيش الناس في مثل هذه الاماكن هل يعقل أن يسكن أناس في كهوف في قمم
الجبال او في كهوف من ثلج لبساطة المعرفة وندرة المعلومات تعتبر هذا المعلومات غير
مقبولة في بعض المجتمعات
العلماء المطلعين يخرجون من هذا التصور الضيق و الرحالة الذين يسافرون لأنهم
يشاهدون مدن وقرى مختلفة تماما عن تلك القرية التي عاشوا فيها ولذلك اشتهرت كتب
الرحالة في فترة قبل الاعلام والبرامج الوثائقية
هذا المنظور الضيق ينطبق على كل تصوراتهم فلا تختلف التصورات الاجتماعية
والعادات عن ذلك المنظور الضيق وقد وجدت تلك العادات لتحسن الحياة في تلك البيئة
في تلك الظروف ومع تغيير الظروف تبقى العادات ثابتة لا تتغير و تعتقد كل قرية
وقبيلة أن عاداتهم هي الافضل وغيرها أقل وهذا يرجع الى عدة أسباب الاول الانتماء
والشعور بأفضلية هذا الانتماء والثاني هو انهم لا يعرفون العادات الاخرى ولا
يدركون الحكمة ورائها وهذا كله بسبب ضيق التصور ..
مع التقدم الهائل في الاتصالات والتواصل ومع أننا في عصر الانترنت والفضائيات مازال
الكثير من مستخدمي هذه التقنيات ضيق الافق في مجال التفكير فهو لا يرى إلا في حدود
قريته وأفكاره القديمة ولا يستطيع الخروج من سجن أفكاره ومشاعره وهذا الضيق والجمود
يقتل الابداع ويقتل التقدم ويضيع الفرص ويجعلنا حبيسين للأوهام ويجعل قراراتنا
تنحاز لمخاوفنا ونفشل في تحقيق أي نتيجة يجعل تفكيرنا عشوائي وسلوكنا يبنى على ردة
الفعل ويملئ قلوبنا الخوف من التغيير والتطور ونتمسك بالقرية وتقاليدها ولا نستطيع
تمحيص هذه التقاليد فكلها في نظرنا مميزة لان الحكم على الشيء فرع عن التصور وبما
أن التصور ضيف فالحكم يبتعد كثيرا عن الصواب ولكي نوسع إدراكنا وتصورنا نحتاج الى
أن نمارس العديد من العادات الجديدة التي تساعد في تكسير الحدود الوهمية لعقولنا
وتجعلنا نرى ما خلف الاشياء وتجعلنا نُحيد المشاعر في قراراتنا ونبحث عن الافضل حتى
لو خالف مشاعرنا لأننا غالبا ما نقع فريسة للمشاعر بدون تأني وغالبا ما يكون
قرارنا ردة فعل ونختار أقرب الافكار الى عقولنا فنحن لا نرى أبعد من أقدامنا وسوف
اعرض عليكم مجموعة من الاساليب من خلالها تستطيع أن تفكر بعمق وتنظم تفكيرك وتحيّد
مشاعرك الضاغطة
1-لا يوجد شر محض ولا خير محض .
في هذه الحياة الاشياء لا تحمل صفة الخير والشر بل التوظيف هو الذي يحمل تلك الصفة
فمثلا السلاح عندما نستخدمه للقتل يصبح شر وعندما نستخدمه للدفاع عن النفس يصبح خير
وهذا المبدأ يقودنا الى أن نتعلم كيف ننظر الى الاشياء يجب ان نتوقف عن الحكم
المسبق على الاشياء يجب أن ندرس كل حدث وموقف بروية ونستخرج ما فيه من ايجابيات
وسلبيات فمثلا عندما تعرض على وظيفة مدير مبيعات في دولة أخرى قبل أن أقرر ابحث عن
الايجابيات في هذه الوظيفة ثم ابحث عن السلبيات يجب ان تجمع الايجابيات على حده
والسلبيات على حده يعني تحدد وقت لجمع الايجابيات لوحدها وآخر لسلبيات لوحده من
خلال هذا المبدأ بدأنا نخرج من الدائرة الضيقه والحكم العشوائي المتسرع ثم ننتقل
الى الطريقة الثانية
2- يجب أن اعرف العوامل التي أأخذها بعين الاعتبار .
عندما اريد أن اقرر هل اوافق على تلك الوظيفة أم لا ؟ يجب ان احصر العوامل المؤثر
على هذه الوظيفة واكتبها على ورقه وأعطي نفسي الوقت الكافي لذلك فمثل اكتب
الراتب البدلات فالراتب عامل مؤثر وقوي في الموافقة والرفض يعني اختلاف الراتب
يؤثر في القرار ,السكن , المدينه , بعدها عن أسرتي , امكانية انتقال الاسرة , نوع
نشاط الشركة ,مستوى المعيشة والغلاء في تلك المدينة , تكلفة السكن , تكلفة الطيران
,
هذه بعض العوامل المهمة التي يجب أخذها بالاعتبار وتختلف من شخص الى اخر ومن وظيفة
الى اخر ومن قرار الى اخر
3- ترتيب الاولويات المهمة .
بعد كتابة العوامل يجب ترتيبها حسب الاهم لديك وفق احتياجاتك استخرج اهم عشر عوامل
ثم أهم خمس عوامل من العشرة السابقة ثم أهم ثلاث عوامل من الخمسة ثم أهم عامل
عندك وكأنك تستخرج الخلاصة يجب ان تفاضل بينها حتى تعرف العوامل الرئيسيه
والتكميلية وتترتب الافكار وتعرف ما الذي تريده بالتحديد .
4- يجب أن تتعرف على وجهات نظر الاخرين .
في الحياة نحن نرى الاحداث من منظور ذاتي اناني شخصي وحتى يتسع ادراكنا يجب ان ننظر
للإحداث من وجهة نظر الاخرين الذين لهم علاقة بنا من الدرجة الاولى والثانية ما هي
وجهة نظر زوجتي في الانتقال ما هي وجهة نظر أبنائي في الانتقال ؟ ما هي وجهة نظر
الاهل ؟ كل من له علاقة الدين القانون المدير السابق يجب أن تتقمص شخصياتهم وتتخيل
انك فلان وتتعرف على وجهة نظره او تجلس معه وتسمع منه لا تحكم لا تقرر فقط اسمع حتى
تسمع لكل الاطراف حتى تصل الى تصور مشترك يساعدك على اتخاذ القرار الصائب والمناسب
5- تحرك داخل الزمن الى الامام .
تخيل ما الذي سوف يحدث بعد شهر بعد شهرين بعد سنة بعد خمس سنوات دون النتائج تخيل
ما الذي يحدث بعد عشرين سنة هذه الطريقة تنقلك في المستقبل وتجعلك تتنبأ بما يمكن
ان يحدث انتقل توقع ما الذي ممكن أن يحدث اذا كان لديك توجه سلبي وتوقعت الأسوأ
انتقل وتوقع الايجابي ما الذي يمكن ان يحدث ايجابيا ثم قارن بين النتائج السلبية
والايجابية رتب الايجابيات حسب الاهم والسلبيات حسب الاهم وقارن بينها حتى تصل
الى تصور متكامل تستطيع من خلاله اتخاذ قرار وأنت تشعر بالثقة والقناعة بقرارك .
هذه الطرق تساعدك على توسيع مجال إدراكك وتغيير التصورات المسيطرة عليك فهي تخلص
من أفكار الفشل والتجارب الفاشلة وتخلصك من الأوهام والخوف من المجهول وتجعلك تتقدم
بثقة إيمان تجعلك تصبح في رتبت الرحالة والمتعلمين والحكماء والمفكرين .
أحمد الرفاعي
22-3-1434 هـ